|
الصفحة الرئيسية
>
حــديث
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم: "حُفّتِ الْجَنّةُ بِالْمَكَارِهِ. وَحُفّتِ النّارُ بِالشّهَوَاتِ". رواه مسلم.
هذا الحديث من جوامع كلمه صلى الله عليه وسلم وبديع بلاغته في ذم الشهوات وإن مالت إليها النفوس ، والحض على الطاعات وإن كرهتها النفوس وشق عليها.
والمراد بالمكاره هنا ما أمر المكلف بمجاهدة نفسه فيه فعلاً وتركاً كالإتيان بالعبادات على وجهها والمحافظة عليها واجتناب المنهيات قولاً وفعلاً ، وأطلق عليها المكاره لمشقتها على العامل وصعوبتها عليه ومن جملتها الصبر على المعصية والتسليم لأمر الله فيها .
والمراد بالشهوات ما يستلذ من أمر الدنيا مما منع الشرع من تعاطيه إما بالأصالة وإما لكون فعله يستلزم ترك شيء من المأمورات، ويلتحق بذلك الشبهات والإكثار مما أبيح خشية أن يوقع في المحرم ، فكأنه قال: لا يوصل إلى الجنة إلا بارتكاب المشقات المعبر عنها بالمكروهات ، ولا إلى النار إلا بتعاطي الشهوات ، وهما محجوبتان فمن هتك الحجاب اقتحم ، ويحمل أن يكون هذا الخبر وإن كان بلفظ الخبر فالمراد به النهي.
وقوله ((حفت)) من الحفاف وهو ما يحيط بالشيء حتى لا يتوصل إليه إلا بتخطيه فالجنة لا يتوصل إليها إلا بقطع مفاوز المكاره ، والنار لا ينجي منها إلا بترك الشهوات . والله أعلم.
المزيد |